لـــعـبــة

المقاله تحت باب  قصة قصيرة
في 
07/02/2009 06:00 AM
GMT



لم تمنع عتمة الغرفة من ملاحظة الصغير ما يجري عبر الشق الطولي في الباب القديم ، هذه المرة كان هو المرشد الى ايقاع الحركات  ، فلم يدع مجالاً لمخيلته ان تسرح في تلك البقاع البعيدة ، وهو ينظر الى الجسدين ، ذلك لانه ايقن تماما ، ان اللعبة قد فاقت حدود الملال والتكرار ، خلاف ما كان يظن اول وهلة ، حين عثر على ما يُشبع فضوله الجنوني ، كان يرشد الفتاة الصغيرة الى الطرق المألوفة ، التي يسلكها الآخران ، هنا ستضع يدها ، هنا سيضع وجهه ، يتكلم معها ويده تبحث في مكان ما ، في ما كانت اليد الاخرى تحتضن لفافة الخبز بالدهن الحر ، انت جائعة هل تأكلين معي ؟

غير ان الفتاة كانت مستغرقة في فهم ما يجري ، تخاف ان تُرى وهي كبيرة في وضع كهذا ، كانت العتمة شديدة في ذلك الشتاء ، والملابس تغطي الجسدين الى حد الركب ، لا تعرف هي كيف يمكنه اكتشاف الاسرار، غير انها بعد عشر سنوات من زواجها نّدت منها ضحكة صافية وهي تخبر زوجها الذي نشّف للتو العرق ، قالت هل يمكن ان تُكتشف أسرار غرفتنا؟ الصغير اتى على كل لفافته ، والجسدان انهيا لعبتهما في العتمة ، فوضعت يدها على خده ، مثلما فعلت المرأة في الغرفة ، ووضع هو انفه تحت رقبتها ، ولما كبر مجنون الاسرار كان على الدوام يتذكر تلك اللحظة التي توقف فيها الزمان ، الرقبة الطويلة الملساء المعرقة بالرغم من ليالي برد الشتاء  القارسة ، حتى انه كف عن ايجاد العذر اللازم لاسئلة زوجته الملحاحة من رغبته في إضمامة جيدها ، بذلك الشكل الجنوني ، لكن يوما ، عندما لم تعد الفتاة الى اللعبة مع ابن الجيران ، عاوده الملال ، بقي جالساً بالقرب من الباب من دون شغف ، على غير ما كانت عليه حالته كل ليلة ، ذلك لانه يدري ان ما يحصل ، سيتكرر ، وضحك بعد خمسين عاما ، من فكرة التكرار ، فهو منذ ادم وحواء والى قيام الساعة ، سيتكرر المشهد ، غير انه برغم أعوامه الخمسين ومشاركته في الحروب التي فقد فيها اصدقاء كثر ، مازال يتذكر ، تلك اللحظة ، ان صوتا غريبا يختلف عن صوت امه ، يقهقه في الشق الطولي عبر الغرفة المعتمة ، لا يعرف كم من السنوات بقي يجلس هناك في المكان الذي لايمكن ملاحظته ، فاثار الصوت الغريب في نفسه فضوله الجنوني ، قال ليست امي في الغرفة ، ارتبك وهو يبحث عن الركبتين ، مثلما يرتبك الان كلما جلست قبالته زميلة في العمل تبرز ركبتيها ، وسيحتفظ بهذه اللحظة الجامدة في كل الزمان ، وربما سيأخذها الى قبره ، بحث في الشق عن ذلك السر الذي لا يراه احد سواه ، انه غير متأكد مما سمعه ، لكن الصوت ليس صوت كل ليلة ، غير موقن انها قد تكون امرأة اخرى ، سأبقى حتى الصباح هنا لاعثر على السر ، فبقي جالسا قرابة الساعتين ، ولما هدأت الحركات ، انتظر أن تخرج الفتاة من الغرفة ، عندما خرجت لم يعرفها بسبب انزوائه بعيدا عن الضوء ، ولما تتبعها وهي خارجة من بيتهم ، اكتشف انها تدخل الى بيت الفتاة نفسها التي كانت تشاركه اللعبة .